الجمعة، 21 يناير 2011

لا للدولة الدينية................. نعم للأحزاب الدينية

لقد أصبح السؤال عن علاقة الدين بالدولة واقعا يشكل كثير من تجليات الحركة السياسية اليوم.ان الاجا بة علي هذا السؤال تمثل البداية الحقيقية لمستقبل الوطن الذي يقف علي مفترق الطريق بين طريق يقود الي وطن واحد يجعل من التباين عامل اثراء و تطور او طريق يقود الي عدة دويلات تقوم علي التعصب وعدم قبول الآخر.
نجد ان الاجابة قد قسمت الواقع السياسي الي موقعين موقع علماني يطالب بفصل الدين عن الدولة واخر يتمسك بضرورة قيام الدولة على أساس ديني.نجد ان الحوار بين الموقعين يتراوح في مكانه و لا يخلق أرضية مشتركة للحوار.بل نجد ان الحواريستعمل ادوات و مناهج تجعل كل معسكر أكثر تشددا في موقفه و اكثر تحجرا. تعتمد القوى العلمانية في دفوعاتها بعدم وجود شكلا واحدا للحكم في التراث الأسلامي وعدم وجود أطروحات واضحة تتفق مع تقلبات العصر و احتياجاته الثقافية الاجتماعية و الاقتصادية ويقوم تيار برفض التجربة من أساسها النظري بأعتبار ان الأسلام ليس فيه نظاما للحكم استنادا علي كتابات علي عبدالرزاق و بعض المتأخرين.هذه الدفوعات قد جعلت التيار الديني من جانبه يخرج من جعبته كل الأسانيد النصية و الفقهية للدفاع عن موقفه. مما قاد الصراع الي معركة فقهية كل يستدعي التراث لمساندته و قد أصبح النقاش الذي يريد ان يحلل نقاط الخلاف استنادا علي المنطق والعقل يصطدم بمتاريس فقهية تعطيها ثوبا قدسيا غير قابلا للحوار.ونجد ان التيار العلماني عندمايدعو لعدم قيام الاحزاب علي اساس ديني فانه يدعو هذه الاحزاب الي الانتحار و القبول بنهايتها. لذا لا نستغرب عند نجد تنامي التيار الانفعالي الذي يصارع لتثبيت أحقيته بالحياة. هذا التيار الغير عقلاني يحاول ان يجعل من الهجوم عليه و النقد للدولة الدينية نقدا للدين جاعلا من التيار العلماني معسكرا للكفرا ومبشرا لكل فاحش.
اني اعتقد جزء من الالتباس قد تم عندما تطابقت عند التيار العلماني في دعوتها لرفض الدولة الدينية رفضها للاحزاب الدينية أيضا.
ان الدعوة لأي حوار يجب أن يبدأ بتعريف المفردات التي نتحاور حولها. الدولة الدينيةهي التي يعطي فيها البشر قدسية لمفاهيمهم يدعون انهم يمثلون ارادة فمن يعارضهم يعارض الله فالشعب و الأغلبية لا صوتلهم فهم اعطوا الحكمة الالهية المعرفة و ما علي الجميع الا السمع و الطاعة.وهو نظام بذرة فنائه في داخله لاقصائه للأخر .أن الدولة المدنية التي ندعو لها كعلمانيين هي دولة مدنية يتساوي كل المواطنيين فيها في الحقوق و الواجبات لا تمييز فيها علي أساس ا لدين العرق ا و الجنس او النوع يتم فيها تداول السلطة علي اسس الديمقراطية.لانقبل فيها الاحزاب و الجماعات التي لا تلتزم بهذه الثوابت.يقبل الحزب الذي يقبل بهذه الثوابت بغض النظر عن جذوره الفلسفية.حيث يتساوى في الحقوق الحزب الذي يري ان رؤيته تنبع من الأسلام مع الحزب ينبع مفاهيمه من القومية و الماركسية.ان النقطة الوحيدة المطالبة بها الاحزاب الدينية بان تطرح برنامجها بأعتباره فهمها الخاص للأسلام والقبول بوجود احزاب اسلامية قد تحمل اطروحات مختلفة ليس لاحد فيها القدسية او الحديث بأسم الله بل هي اجتهادات تقبل الخطأ و الصواب و تستمد قوتها و امكانية تنفيذها بمدي السند الذي تجده في صناديق الاقتراع فهي المحك اولا واخيرا.عندماقلنا نعم للأحزاب الدينية فهذا يعني قبولنا بأن تكون الأديان جزء أصيل في واقعنا الثقافي والسياسي.إن الدين لا يتحدث عن نفسه و لكن يتحدث عنه بشر يتفاوت إستيعابهم بتفاوت واقعهم الثقافي و الإجتماعي و التاريخي.
إن هذا التباين قد بدأ و رسول الله لم يورى الثرى مرورا بالتاريخ الإسلامي قديمه و حديثه. و نظرة سريعة للحركات الإسلامية اليوم نجد كثير من الأمثلة لهذه الأطروحات المتباينة.نجد شكل الدولة يتراوح من خلافة بالتعيين و بالشورى الي ملك عضوض وإلي دعاوي ولاية الفقيه. الإقتصادمن د عاوي الإشتراكية في الإسلام الي راسماليةسافرة من أنظمة تحفظ لاهل الكتاب حقوقهم لأنظمة تسلبهم حقهم في العبادة وتجعل منهم مواطنيين من الدرجة التانية.تتراو فيها حقوق المرأة من المساواة إلي سلبها حق التصويت.وكل جماعة تعتقد أنها الفئة الأقرب لمقاصد الدين و قديأتي قائل ليقول إن كل هذه التجارب لا تمثل مقاصد الدين و إن النظام الحقيقي لم يتحقق بعد بل هو ات.توجد كثير من الطرق العلمية و الوسائل الفقهية التي يستعملها الناس لمحاولة معرفة أي الأطروحات هي الأقرب لمقاصد الدين.ليست من أهداف هذا الحوار أن نجد أي الأطروحات آقرب لمقاصد الدين بل هدفنا أن نتفق علي الإطار الذي يسمح لكل صاحب فكر التبشير بفكره و محاولة كسب السند الإنتخابي الذي يعطيها الحق في تنفيذ برنامجها.
وسؤال آخير لمصلحة الحوار هل ستقبل نتيجة الإنتخابات إذا فاز فيها من كان في برنامجة تغيير قانون الاثبات والعقوبات الإسلامي وفتح بنوك ربوية و بدأ في تنيذ هذا البرنامج  إن العلمانية ليست برنامجا حزبيا باحثا عن الإجابة لأزماتنا الإقتصادية و الإجتماعية.إن العلمانية بالنسبة لنا هي الإطار و الشكل الذي نتصارع فيه لنقدم رؤيتنا و برنامجنا للشعب.إن العلمانية هي الأطار الذي يقبل كل صاحب فكر ديني أو أنساني التنافس لكسب دعم الشعب لهم تحت شرط واحد إحترامهم لحق الآخر في التعبير عن قناعاته.إن العلمانية لا ترفض الأحزاب الدينية التي تصل للسلطة بالإنتخاب و حينها يكون لهذه الأحزاب الحق في تنفيذ برنامجها الإنتخابي و الشرط الوحيد إحترامها لحق الآخرين في الإختلاف و قبولها برأي الأغلبية و تسليم السلطة للمعارضةفي حالة عدم حصولها علي السند الإنتخابي
فاذا قبلت احزابنا الدينية بالمرجعية للشعب فيما يريد في اطار دستوري يقنن للتعددية والحرية فأنه يمكننا ان نقول نعم للأحزاب الدينية و لا للدولة الدينية..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق