السبت، 29 يناير 2011

إستقالتي من الحزب 1

الأعزاء
أشعر إن علاقتي بكم تحتم علي أن أشارككم قراري بالإستقالة من الحزب.
ومعرفتكم بي لا أشك في أنها ستعكس لكم صعوبة مثل القرار الذي لم يكن نتاجا لإحباط أوإنفعال لحظي بل كان نتاج معاناة وتفكير دائم في الأعوام الماضية.
لم يكن قرارا ذاتيا منغلقا فقد ناقشت فيه الكثير من الأصدقاء والرفاق ليس بحثا عن إجابات وحلول جاهزة بل كنت أسعى جاهدا باحثا عن أمل ودافعا يعينني على الإستمرار.
لم تكن أزمتي إختلاف رؤى وبرامج فقد دخلت الحزب قيل أكثر من ربع قرن ومازلت أحمل رؤي مختلفة ومتباينة ولكن كنت أؤمن إن الحزب لايحتاج لإيمان صوفي بأفكاره بل يحتاج لهذا التباين ليثري برامجه وتراثه الفكري وهذا الجدل هو الذي يساهم في تطوره.

إن أزمتي الحقيقية هي هذا الضعف العام الذي أصاب جسم حزبنا فجعل إمكانية أن يكون رأيك مسموعا وإن أختلفت مع الرأي العام شبه معدومة فلا الجو العام ولا القنوات مؤهلة لتحقيق ذلك.هذا الواقع عمّق الأحساس السلبي بأن وجودي داخل الحزب مجرد رقما مطالب بالتنفيذ ولايساهم في تشكيل الرأي ولا في صنع القرار ولذا لم يكن غريبا في كثير من المواقف ا ن تجد فيها نفسك مطالب بتنفيذ برامج لا تؤمن بها وبالحد الأدنى ليس هناك مساحة لطرح تحفظاتك وطرح رؤي بديلة
.هذه المواقف رغم كثرتها كما ذكرت ليست مهمة في ذاتها ولكن أذكر بعضها لعكس أهميتها وأهمية أن يكون هناك هاجس حقيقي في قتلها بحثا وأن يكون رأي الحزب هو محصلة لرأي عضويته.
أمثله لهذه المواقف نجد قضايا مصيرية مثل دخول البرلمان,علاقتنا مع الحركة الشعبية,عملنا المستقل خارج التحالفات, الإنتخابات ,إضراب الأطباء .وهناك قضايا فلسفية مثل موقفي من التحالف مع الديمقراطيين.
في كل هذه القضايا شاركت بالعمل والكتابة ولكن كانت المحصلة هي قناعتي بأن الحزب لايمتلك الأدوات ولاالقنوات ولا العقلية التي تبحث عن الرأي الأخر والمهمومة بتلمس رأي عضويتها قبل إتخاذ قرار وإذا فرض الواقع قرارا أن تسعي جاهدة لتسمع رأي عضويتها وأن تملكها حق التعديل والتطوير
.نعم كلنا نعلم الظروف الموضوعية التي قادت لهذا الضعف.
والحزب هو نحن بكل ما من نحمل عوامل ضعفنا الذاتية أنني لاأؤمن بان التغيير لن ياتى إلا إذا صنعناهو من إحباطاتنا وحولناها الي قيمة إيجابية.
ولكن هذا لن يتحقق بالأماني بل يعتمد علي قراءتنا للواقع إستنادا لمعطيات محددة.أهم هذه المعطيات هو أن يكون هناك ثقافة مناخا وأدوات وقنوات للتغييرولكن في إنعدام هذه المعطيات يصبح الرغبة في التغير رغبة مكبوتة لامجال لتفريغها مثل حلة الضغط التي لا تجد متنفسا فستقودها حتما للإنفجار.
تسألت كثير وعملت مع كثير من الرفاق بقدر جهدي لأجعل شعلة الإستفسار والتحليل والنقد لتجاربنا جزء أصيل من ثقافتنا ومن تقاليدنا الحزبية ولكن وصلت لإحساس خانق وطريق مسدود رغم إحترامي لكثيرين الذين مازالوا يرون بريق أمل.
وأصبحت أتساءل هل سيأتي اليوم الذي يقول فيه قيادينا(لن أستطيع أن ألتزم بهذا حتى أرحع لقواعد الحزب) وكل يوم تثبت لي المواقف إنه يوما وحلما بمعطيات الواقع بعيد المنال.لذا قررت أن أكون أكثر واقعيا وأبذل جهدي في معارك يمكن أن تحقق فيها تغييرا خيرا من الإستمرارية في معركة أستنفذت فيها ما أملك من جهد ولا أرى بارقة أمل.لقد دخلنا الحزب وليس هو هدف في ذاته بل وسيلة لصنع التغيير لشعبنا فإذا وصلت لنقطة أصبحت ترى فيه إن جهدك لا يساهم في عجلة التغيير بل إن وجودك داخل الحزب يقودك لمعارك ليس لها أثرا واضح في عملية التغيير بل تستنزف من جهدك و عقلك يصبح لامناص من أن تختار موقعك حتي تكون أكثر فاعلية وإيجابية في عملية التغيير
لقد سعيت بقدر جهدي أن أساهم في التغيير وليس بحالم لأتوقع نتائج فورية ولكن كنت أحلم ببصيص أمل ليعطيني دافعا للإستمرارية ولكن للأسف لم أجد هذا البصيص رغما إن كثير من الرفاق حاولوا أن يعكسوا لي ما يرونه بشارة أمل.وأنا أكثر الناس حزنا.
فليست بالقرار السهل بل هو قرار ينزع منك جزء منك.. ومن تكوينك.. إنتمائك لقضية ومؤسسة ورفاق تستأمنهم علي حياتك وتسعد بوجودك معهم ولكن رغم قناعتي بأنه القرار الصواب لكن إتخاذه لم يكن سهلا وإحساس التنازع بين الأحباط والألم بيسطر علي الواحد وسيلازمه إلي حين وكما أنا متألم اليوم لقراري فقد تألمت عشرات المرات من قبل وأنا أسأل نفسي مرات ومرات إن كان هذا هو الحزب الذي نعرفه
ولكن كما أسلفت إن أزمتي ليست في وجود قضايا خلافية بل في الضعف العام الذي لايسمح بأن يكون هناك قنوات إهتمام بالحوار وإستقراء رأي العضوية لننتج مواقف تعبر عنا جميعا لنجعل من الخلاف قوة
ومازلت أتمنى لو كان هناك حلا أخرولو كانت لدي ذرة أمل إن هذا الواقع سيتغير لما خطر في بالي هاجس الإستقالة ولكن .......ولست هنا لكي أشكك في حماس الناس أو أضيف لإحباطتهم إحباط فوق إحباط .
ولكن ليس لدي سوي قناعاتي ومعرفتي لإمكانياتي التي قادتني إلي هذه النقطة رغم ما تحمل من سلبيات.
أتمنى لكل المخلصين النجاح في أن يحقق الحزب ما مؤهل له
لقد إتخذت هذا القرار وأن أتمنى أن تكون خطوة تتجاوز واقعنا بكل سلبياته محاولا أن أكون أكثر فاعلية وتاثيرا في عجلة التغيير.
معكم وبكم إني واثق إننا يمكن أن نجعل من حياتنا معنى بغض النظر عن الموقع أو التنظيم الذي يجمعنا
لكم الود
مجدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق