الأحد، 23 يناير 2011

الإنتخابات ودافوري ميدان الربيع 1

الإنتخابات ودافوري ميدان الربيع


عندما فتحت الباب بعد الرابعة عصرا وأنا أتساءل عن من ياتري الزائر في هذا النهار الساخن أستقبلتني وجوه باسمة ومرهقة وخطوط من العرق تجري علي الوجوه والأيادي. لم يبتدروا حيرتي بأي حرف من كلمات التحايا و الأعتذار و بصوت واحد ( لا ياحاج نحن ماقعدين نحن جايين بخصوص الأنتخابات).
لم أستطع أن أرد عليهم بنفس السرعة والحماس هذه الوجوه المتحمسة المبللة بالعرق في هذا النهار الساخن جعلتني أعيش هذه اللحظة في زمن آخر أري فيهم أولاد عيساوي في زمن مضي وهم يدفرون الباب بلا سلام (لا يا حاجة نحن ما قاعدين نحن ماشيين الدافوري).
وأي دافوري............?
إنه دافوري ميدان الربيع.
كنا نؤمن بانه ليس أحسن دافوري في أمدرمان بل هو الأقضل في السودان كنا نشعر بالفخر باللعب فيه وإننا جزء من تاريخ الكورة في البلد.كنا نسمع الحكاوي ونضيف إليها من خيالاتنا الطفولية الساذجة.نقسم بأغلظ الأيمان إن برعي وصديق منزول وعمر عثمان وجكسا وأولاد العاتي والدحيش ، إتعلموا الكورة هنا وكيف إنه الطاهر حسيب وأولاد سانتو بيجوا يقضوا إجازاتهم في العباسية عشان يلعبوا في دافوري مبدان الربيع.
حقيقة لم يكن الدافوري في ميدان الربيع نفسه بل في مستطيلة شرق الميدان تحدها البوستة جنوبا ودكان حمدان الجزار شمالا.
حقيقة كان الدافوري ليس كورة و بس بل ملتقي لأهل العباسية حيث تجد ركن ناس الكورة عمك الوسيلة وحاج بهوية يتاابعون المواهب ويتنافسون في تسجيلها وفي غربها ركن الفنانيين من عمك عبدالدافع وشلة دارفلاح يحكون عن جمل الأغاني.في ركن آخر تقف شلة الضحك شلاضيموا وكاك يرمون تعليقاتهم لتصبح نكاتا تنتشر في أمسيات أمدرمان.
وبنهاية الدافوري يتفرتق الجميع تملؤهم الفرحة كنا الصغار نتجه للبوش عند عم سعيد وبعدين الباسطة عند علي الحلواني ما الكبار فعادة يتحركوا لقهوة يوسف الفكي وبعدها مجاملين أهل أمدرمان في أفراحهم أو متعشين في حديقة الموردة.
في ذات مساء قام أولاد الموية بتحويش الميدان.فوجئنا في الصباح بالميدان المسوّر وطلع علبنا أولاد الموية التلاتة وقالوا لينا من الليلة الميدان حقنا والدافوري حقنا والماعاجبو يقع في البحر.
اليوم داك كان يوم شوّم فلا الدافوري بقي دافوري و لالاالعباسية بقت عباسية.
(الميدان شلناهو رجالة والما عاجبوا يورينا رجالته)
كلنا قايلنها نكتة لاننا كنا مستهوينين بي أولاد الموية وأي واحد فينا كان ممكن يفرمهم براهوا.لكن عرفنا إنها ما نكته لمن لقينا التوم الشفت وشلته واقفين معاهم. التوم كان معروف ما بيمشي إلا وشايل معاهوا جنزير و مطوة وأي كلمة ما بتعجبوا معروف يده أسرع من لسانو.معظم حياتو يا في شكلة أو بيخطط لي شكلة.شلة التوم فايدة الوحيدة كانوا بيعزموهم في الأعراس وتربيزتهم ما بيقرب ليها وعشاهم أهم من عشا الفنانين وعليهم حفظ النظام ولكن مرات كايرة يكونوا هم السبب في فرتيق الحفلة.
طوالي عرفنا إنوا أولاد الموية كسبوا شلة التوم بعد عملوا ليهم دفتر جرورة مفتوح مع عائشة ووكر والحساب علي أولاد الموية.
وما في زول بيقدر علي التوم و شلتو وعلي مضض قبلنا إنوا بقي بتاع أولاد الموية.
أولاد الموية كنا قايلين إسمهم جاء من بتهم كان فيهو بير قبل زمن المواسير وجدهم كان بيبيع الموية لكن حاجة التومة قالت بينا يوم (يا أولادي نحن بيع الموية كنا شايفنوا عيب لكن التسمية جات عشان إتعرفوا بالزوغان والأستهبال وما في زول بيصدقهم والغريبة كلهم طلعوا علي الطبع ده ومافيهم واحد عََدِل).
الكبائر في العباسية كانت تلاتة شرب البنقو وسب الدين ومشاغلة بنات الحلة .أولاد الموية ما كان معروف عنهم إنهم بيعملوا أي واحدة من الكبائر بل كانوا مواظبين علي صلاة الجمعة في جامع مرفعين الفقرا ولكن لمن تلاقيهم في الدافوري الواحد يحلف بالكضب زي الما حصل حاجة(والله ما قون)( والله ما فاول).
حسان مرة لمن وصل بيهو القرف حدوا قال لي أولاد الموية والله شراب البنقو أحسن من عمايلكم دي.
من اليوم داك أولاد الموية بقوا الكل في الكل.
ليهم حق العزلة وهم البيحددوا من البيلعب ومنوا الممنوع من الدافوري.
في أيام الصورة بقت واضحة فريق اولاد الموية وأصحابهم وباقي اولاد العباسية في الفريق التاني.كنا معروفين بفريق العمايا لانوا أولاد حوش العمايا هم الأكثر لكن كان معانا أولاد فنقر ,حي ريد,حي الزريبة,حي الأمراء وأولاد الخور.
رغم إننا كنا الأكثر و الأحرف لكن كنا مغلوبين طوالي والمشكلة كنا عارفين بنتغلب ليه ولكن مصرين علي الملطشة والفضايح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق