الجمعة، 21 يناير 2011

سيكولوجية التنازع في زمن الهجرة 2

قبل ان ننظر لقضيتنا من وجهة علماء التحليل النفسي من المفيد ان نقف لحظة مع رؤية علم النفس الاجتماعي.
في مرحلة عدم التوازن النفسي والاجتماعي تطفو علي السطح كثير من الممارسات الاجتماعية المستندة علي واقع نفسي مختل.من اكثر الظواهر علاقة بظاهرة العنف هي خطأ التبرير الذاتي و التبرير الموضوعي.يبحث الفرد عادة لتفسير متناسق ومتسق لفهم الذات و العالم.الخطأ التبريري يحدث عندما يستعمل الفرد معايير مختلفة ومتناقضة عند محاولة فهم سلوكه و عالمه مقارنة مع محاولاته لفهم سلوك الاخرين وعالمهم.حيث يستعمل ادوات التحليل الموضوعية عندما ينظر لعالمه و سلوكه بينما يستعمل الادوات الذاتية لفهم الاخرين.خير مثال لشرح هذه العملية هو اذا نظرنا لقضية مثلا عدم الوفاء بالالتزام بعهد محدد فعندما يفع هذا السلوك من الفرد يستعمل ادواته الموضوية لتحليل الاسباب ليخرج بنتائج تشرح العوامل التي ساهمت في الظاهرة ولكن عندما تتم من الاخرين يستعمل ادوات الدمغ الذاتية لترمي المسئولية في الاخر ومقدراته و دوافعه الشخصية.
نجدهذه ا لممارسة في محاولة الفردلتفسير ظاهرة العنف حيث نجد تفسير الفرد لسلوكه العنيف مستندا علي العوامل الموضوعية فيبحث عن سوابق تاريخية و الضغوط النفسية والاجتماعية التي صاحبت الممارسة لتصبح الذات البريئة هي ضحية للعوامل الموضوعية ولكن عندما يقوم الاخر بممارسة العنف يستعمل الفرد معايير الحكم الذاتي علي الاخر ويصبح الاخر هو المعتدي لان طبيعته الشريرة و تركيبته الذاتية هي السبب الحقيقي والدافع الوحيد لعنفه.  وكما تري فاني اسعي لقراءة الظاهرة و لفتح نقاطا للحوار ولا ازعم بانها ستكون فيها الاجابات النهائيةولكنها بحثا عن التساؤلات التي ستثري البحث.
يعتبر فرويد اب علم النفس السلوكي وفي بدايات كتاباته كان العنف هو عبارة عن طاقات جنسية غير مشبعة. ثم اضاف نظرية العنف كجزء اصيل من مراحل التطور وخاصة مرورا بعقدة اوديب والكترا التي يفترض للفرد تجاوزهم في مراحل تطوره الطبيعيو يؤمن فرويد باستمرارية العنف للافراد الذين فشلوا في تجاوز هذه المرحلةوفشلو في تحقيق نضوجهم العاطفي والنفسي.في كتاباته المتاخرة ظهر العنف كمرادف سلبي لغريزة الموت او كازاحة لهذه الغريزةالتي يصعب تحقيقها.
كتب فروم عن العالم الحديث باعتباره واقعا يفرض علي الفرد كثير من القيود احتراما لسلطة المجتمع فارضة علي الفرد ضرورة التمثل بهذه القيم مما يؤدي لاستلاب الفرد واحساسه بالعدميةوالسلبية مما يولد غضب داخلي ضد هذه الالة الشرسة.هذا الاحساس يولد احاسيس الغضب والعنف ضد هذا المجتمع.نجد ان الهجرة تفرض واقعا جديدا باعراف و قيم اجتماعية تفرض علي المهاجر ضرورة الالتزام بها.مثلايجد مواطنيننا ان الغرب لايتسامح مع بعض السلوكيات والمفاهيم التي تتسامح فيها ثقافتنا ان لم نقل لا تعيرها اهتماما فمثلا ثقافة الديمقراطية رفض العنصرية رفض العنف عامة وخاصة ضد النساء والاطفال احترام البيئة و احترام حقوق الحيوان والامثلة تطول.كل هذه المعايير عبء ثقيل مطالب المهاجر التشكل به حتي ولو ظاهريا حتي يضمن القبول الاجتماعي.هذا الضغط الاجتماعي يمثل للكثيرين ضغطا نفسيا يحاولون التوازن معه بافراغهم هذا التوتر في شحنات متزايدة من العنف و الغضب.
تطورت مدارس التحليل النفسي وتشعبت وهنا نحاول ان نتلمس ثلاث من المدارس التي قد تستطيع مساعدتنا في فهم الظاهرة تحت البحث.
قام لورينز بمزاوجة بين فكر فرويد و دارويين و قدم تفسيرا للعنف مستندا علي ارتباط الانسان بجذوره الحيوانية واعتبر العنف هو جزء اصيل من غريزة البقاء حيث هو معبر عن قانون مملكة الحيوان حيث البقاء للاصلح لذا يصبح العنف سلوكا طبيعيا للحفاظ علي الفرد وذاته و غريزة داحلية طبيعية عند كل البشر.حاولت المدارس التالية تفسير الاسباب التي تجعل هذه الغريزة متفاوتةو قد تصل للانعدام عند بعض الجماعات والافراد.اكثر التفسيرات التي وجدت قبولا هي ربط العنف بدوافع محددة تساعد في انطلاقه. اكثر هذه الدوافع دراسة وهي حالة القلق المدمرFRUSTRATION .يؤمن اعضاء هذه المدرسة ان هذا القلق المدمر ينتج من تراكم انفعالي نتيجة للفشل في تحقيق هدف محدد وعادة ما يكون هذا الهدف له اهميته النفسية للفرد في محاولته لاكتساب التوازن النفسي والتخلص من الطاقات المتوترة الباحتة عن منفذ.هذا الهدف قد يتراوح عند الكاتب من تحقيق القبول الاجتماعي او الفوز بموقع اجتماعي ويتضحم هذا الهدف مع تركيبة الفرد الذاتية وحوجته السايكولوجية لتحقيق هذه الاهداف.
المدرسة الثالثة قد وضعت كثير من الاهتمام علي الاحساس النفسي بعدم الامان EMOTINAL INSECURITIYواعتبرته الدافع الاساسي لانطلاق شرارة العنف حيث يصبح العنف محاولة يائسة لتعويض الاحساس القاهر بعدم الامان.في واقع الهجرة اليوم نجد تزايد الاحساس بعدم الامان المادي النفسي والاجتماعي بدرجات لا يمكن تجاهل تاثيرها علي مستوي وعينا وعلي واقعنا السايكولوجي.
نكتفي هنا وليتواصل الحوار ولكم الود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق