الجمعة، 24 مايو 2019

🌹السمبر..سايكولوجية الثوره...دقة التعبير وعمق الرؤيه🌹


🌹السمبر..سايكولوجية الثوره...دقة التعبير وعمق الرؤيه🌹
وصف الثوار للذين كانوا (عاملين رايحين) ايام الانقاذ واصبحو الأن اسيادها ووصفهم بالسمبر حقيقة أدهشني في دقة التعبير وجعلني أيضا أحلق في عمق المعنى.
إبتداء الوصف ليس مقصودا به من كان سلبيا او متكاسلا في دروب النضال أيام الظلم ومع بدايات الثوره.. ولكن المقصود به من كان صامتا وأحيانا لا يخفي قبولا مستتر للظلم حتى تشك أنه يستطيع الكلام او يعيش في عالم غير عالمنا .. وفجأة نراه وقد امتطى قطار الثوره مفوها متقدما الصفوف ولسان حاله يقول انه دوما كان من طلائع التغيير..
يدهشك دقة الوصف الذي إقتبي من واقعنا صورة طائر السمبر الهادئ الخجول الذي تظن أنه فاقدا للحياة ولكنه قلقا وفي لحظة يندفع محلقا مليئا ليدهشك بما يملك من طاقة وحيويه.
لم يدهشني عدد من نعرف من قبيلة السمبر وأبتسم في داخلي صمتا عندما تتقاطع دروبنا ولا أجرؤ.... ولكن أثار هذا تساؤلي لماذا؟؟
قلة إستعمالنا في الجهر لهذا الوصف بينما نخاطب به دواخلنا على إستحياء..ونحن نرى السمبر بالعشرات كل يوم.
أزعم إنها ظاهرة تعكس تركيبة جيلنا و ثقافته وسايكولوجية سىلوكه.. لذا استطيع بكل ثقة ان أقول هذه ثوره.. لان الشباب تجاوز ثقافة هذا الواقع ورسم ملامح وقطيعته المعرفيه مع جيلنا جيل أكتوبر والإنتفاضه الذين سمحنا للسمبر بان يقفز لدفة القياده.. بينما في ثورة الشباب نرى كيف انها حددت من هم قيادتها وصنفت من عاشوا في مقاعد المتفرجين ولم تحظرهم ولكنها وضعتهم في مقام (السمبر) الذي يسمح لهم بالمسير مع الجماهير وحذرتهم من التطاول ومحاولة القرب من مقاعد القياده..
هذا السلوك الثوري يقول بلا رياء ولا خجل (نحن نحترمك اذا إحترمت نفسك وتاريخك.. بلا إدعاء ولا تزييف) .. (لا كبيرا الا من صنع مكانته بتاريخ من الإنحياز للحق والوطن) ......
لذا تجدهم يمنعون السمبر من دولة الإعتصام الفاضله.. ولايتورعون من طردهم من مكاتبهم ومحاصرتهم في الأسواق بل إنزالهم من منابر الجوامع.. فلا قدسية مزيفة تحميهم ولا عمرا يعطيهم وقاية من المواجهة وفضح تاريخهم وإزالة الأقنعه.
كم أنظر ىذلك بإعجاب وأفهم لماذا هذه الثورة مختلفه..
وأرى كيف استحق الشباب أن ينالوا شرف ملكية هذا الحراك وسعيهم لمفارقة كل سلبيات جيلنا ورفضهم إستولاد إرثنا بدون فحص وتمحيص..
فقد مارسوا قطيعة جوهرية تعكس نضجا سياسيا فظهرت ملامحها في مواقفهم وبرامجهم. نجد ذلك بوضوح بتحاوز تجربة أكتوبر في تمديد فترة الإنتقال و تجاوز الإنتفاضه بعدم الرجوع للبيوت قبل رجوع الجيش للثكنات..
وعلى المستوى الإجتماعي هدم تابو العمر والعلاقات الاجتماعيه وماتعطيه من قداسة وحماية مزيفه.
انظر بإعجاب وأقول ليتني كان لدي قليل جرعات من هذا.. فربما كانت صفحات تاريخي أكثر إنجازا.. ولأصبحت أكثر فاعلية وعطاء في حب الوطن...
استرجع تاريخ حياتي وصفحاته رغم إفتخاري بها ولكن بين السطور تطل دوما سيادة مفاهيمنا الإجتماعيه التي شكلت سلوكنا وجعلتنا نتقاصر في دروب المنطق وجعلتنا نحتكم لذاتنا القلقه إحتراما لتابو إجتماعي كبل خطانا وحدد مساحة حركتنا وشكل وعينا.
أذكر موقفا وأنا طالب لم يفارقتي حتى بعد اكثر من ثلاث عقود عندما وقفت ذات يوم في إجتماع وأقول إن صديقي قد طبخ أرقام الميزانية المقدمه لمجلسكم(وقد صرح لي بذلك ليس لعدم نزاهة بل لعدم معرفة بالارقام).. وخرجت بشرخ في علاقتي وإمتعاضا من الحضور لهتكي شرف الصداقه.. وجرحا في في القلب مازال يراوحني ليومنا هذا ينزف كلما استعدت تفاصيله..
وفي صفحة أخرى اذكر يوم قررت ان اتجاوز قيدي العاطفي وإرثي الإجتماعي عندما رفضت ان أصافح أحد ضباط السجون الذي كان يسومننا العذاب يتجسس على رسائلنا يسخر من وجودنا مستمتعا بسادية ملحوظه وفوق ذلك نشك في سرقته لما يصل المعتقلين من دعم من أسرهم... فحين قابلته بعد شهور من إطلاق سراحي جاءني هاشا فلم استطع سوى ان ادرت وجهي قائلا (احترمنا كثير من ضباط السجون الشرفاء لمهنيتهم لكننا لم نغفر لك مافعلت بنا وأتمنى أن انسى إني قابلتك يوما)..
لم أنسى نظرة الاحباط في وجهه ورغم إنني لم اكن استطع ان افعل غير ذلك ولكن لا أنكر مشاعر الندم ومعاتبتي لنفسي قد إستمرت لسنين بعد ذلك..
وتنقلت في دروب السياسه مخلصا بحثا عن الحقيقه وكانت تجارب تعلمت منها وتشرفت يها وفي صفحتها كثير من السطور التي فقدت فيها قليل من ذاتيتي وإحتراما لثقافة (الماعنده كبير.. ).. فكنت جمهوريا لفتره مضيئة وجاءت لحظة مفارقة فكريه عندما طرح الاستاذ منشور الأصيل واحد بعد أن كنت اؤمن بغير ذلك.. وعشت صراع من أنا حتى اقف أمام الأستاذ؟؟ حتى وصلت مرحلة شعرت بزيادة التوتر من حمى الإختلاف فأنسحبت بهدؤ محتفظا للأستاذ محبة وتقدير لم يفارقني..
وصفحات أخرى من تاريخي في الحزب الشيوعي لمايزيد الربع قرن لم اتعايش مع مفهوم الديمقراطيه.. والتحالفات ومنهج العمل الذي يجعلك دوما في موقع التلميذ لإختلاف ميزان الهيبة والإحترام التى تشعرك بالضاءلة أمام قيادات تاريخيه.. وكوادر سريه ضحت بكل غال ونفيس..فإن شعرت باتوقراطية نقد او تزمت التيجاني او خطأ فاطمه في الخطاب الديني والفمينزم فانت باعوضة في أضان فيل..فأختلف بصوت خافت خجول ولسان حالي يقول من أنا حتى أجرؤ؟... حتى وصلت لمرحلة تضخم إحساس العزله والإغتراب فإنسحبت بلا ضوضأ في القلب عرفانا لما تعلمت وما اكتسبت من خبرة وصمود.
هي جزء من صفحات تاريخي البسيط وازعم ان كل جيل قد عاش نفس السطور ومثلها حين تراجعت ذاتيتنا وقمعنا أحلامنا وكنا أقل ثورية مما تحمله دواخلنا.. فثقافة جيلنا كانت قيد.. لا تعرف معني احترام أدب الإختلاف.. يحكمها العيب وليس المنطق.. فالصمت أمام خطأ الكبير أدب... والإحترام والإنصياع لروح القطيع قمة التوازن والنضوج..
لذا نحن من أصابتنا جرثومة رفض ثقافة القطيع ومحاولة ترسيخ أدب الإختلاف..عشنا القلق الوجودي حيث فشلنا فلم نشفى منها كلية ولم نقبل بها فنرتاح...
فترانا نسعى لطرح الإختلاف في لغة خجوله مغلفةونستفتح مقالنا بكثير من المدح والاطناب.. ونختمها بفارغ المعاني عن الاختلاف الذي لايفسد للود قضيه نستجدي عدم زعلهم ونعتذر عن داء الصراحة والإختلاف مع جنابهم العالي..
ورغما عن ذلك لا يرضى عنك من تختلف معه ولن يقبلك السمبر الذي يدافع عن روح القطيع وعاشق السكون لتصبح موسوما في دائرة الشغب وقنبلة موقوته يتحاشاها الجميع الذين لايحتملون ان يهتز معبد قدسية العلاقات المتجذره وتراتيبيه العمر والاستاذية والإحترام التي لاتحتمل التساؤل والحوار......
هي ليس جراح ذاتيه تصيبنا كأفراد بل أزمة جيل نتعايش مع قمع ذواتنا الرافضة للثبات نقدمها قربانا في معبد إحترامنا لتقاليدنا الموغله في تقديس الشخص أكثر من الفكرة والموقف.. وقانونها إن إحترامك بالشخص يعني بالضرورة عدم الاختلاف والتقديس والطاعه لكل ما ياتي به.
لذا نجد إننا نتعايش مع السمبر اليوم ونصارع ذواتنا المخنوقة غضبا وامتعاض ولكن يعشعش في وجوهنا الصمت وننحني له كأنه ملك الطيور تقديرا مزيفا وإحترام..
لذا فإن نجاح شباب الثوره في كسر هذه القيود قيمة تستحق الدراسة والإحتفاء.. نعجب بها ولكن حتما لا تعني دعمنا لما يشوبها من دعاوي فطيرة تحتفي برفض كل التجارب او اقصاء الأفراد بمعايير العمر والأجيال.
إننا مع إنجيل الثوره الذي يدعو لإحترام تاريخنا وتمجيد كبارنا والاحتفاء بهم وتقديرهم وليس تقديسهم. لا نريد من أحد ان يخلق أصناما لتعبد ولا تاريخا يمجد بل إحتفاء بعد تمحيص وتحليل.
نريد ان نتجاوز سايكولوجية روح القطيع.. نرسخ ادب الاختلاف نؤسس لثقافة جديدة تفصل بين الفرد وفكره.. تجعلنا نحافظ على احترامنا مع من نختلف معهم معيارنا الصدق وحسن النوايا وحب الوطن.
لذا يحق لي أن أغني لعهد جديد و بالشعب حبيبي وأبي شيبه وشبابه لا إحترام وتقديس صنمي بل إحترام مميزا ناقدا لكنه يحمل كل ما بدواخل شعبنا من صدق وموده.. ونسطر في كتاب الثوره...سنامه تحاور الأجيال.. وأساسه في كيف نتخلص من شوائبها ونحمل جميل تراثها.. ونؤسس لأدب الإختلاف الذي يحفظ للاخر كرامته وهيبته .. ويجعلنا سويا نبني وطن المحبه والجمال..
فلنغني للثوره...
مجدي إسحق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق