السبت، 22 سبتمبر 2018

.....علماء بزعمهم...وجهلاء بصمتنا...🌴

🌴 ...علماء بزعمهم...وجهلاء بصمتنا...🌴

اثار برنامج شباب تالك  عاصفة من ردود الافعال تجاوبا ورفضا للاراء المطروحة وطريقة طرحها.لقد اثار الحوار في تصوري جوا صحيا في التحاور والاختلاف ولكنه في نفس الوقت عكس وجود أزمة جوهريه..لا يمكن تجاوزها بل لن يصل الحوار الى منتهاه اذا لم تحسم وتضع في اطارها المنطقي والموضوعي.وهي أزمة مفهوم (علماء الدين) والسلطه المعرفيه.. التي يمتلكوها..والفرق بين العلم الديني والكهنوت.
كلنا يعلم ان ديننا الحنيف يرفض الكهنوت الذي جعل من رجال الدين المسيحي أنصاف الهه يزعمون انهم يفهمون مقصد الدين يوزعون فرمانات التكفير والايمان ويرسمون حدود المعرفه يرفضون ماتجاوز فهمهم وسقف علمهم فيحرقون من يحاول وينظر في علوم  الطيران بأنه ساحر ويقتلون من ينادي بكروية الأرض. 
رفضنا الكهنوت في الاسلام ولكن في عهود الانحطاط تسرب ليمسك برقاب الفقه تغذيه سلطة القمع ليجد تبريرا علميا باطاعة الحاكم الظالم بانه نظام الحكم الافضل..ليصبح الفقيه هو عالم الاداره وعالم الاجتماع وعالم الاقتصاد السياسي الذي يرفع سيف القدسيه ويفرض رأيا فطيرا تحميه السلطه ويهابه العلماء.
وتغلغل هذا الفهم ليصبح رجل الدين هو المرجعيه لكل علوم الأرض فيرفض التلفزيون...ويكذب الصعود للقمر وينكر كروية الأرض...ويدعو للعلاج ببول البعير..ويجزم ان العسل شفاء لكل الأمراض حتى وان كان مرض السكري.
لا ننكر ان عالم الدين الذي هو عالم في مجال التوثيق والنقل والتحقيق...يقدم معرفته برسم أطار أخلاقي يسترشد به العلماء في كل ضروب المعرفه ويستعين هو بما وصله العلم لتحقيق مقاصد الدين......لكن رجال الدين أصبحوا علماء في كل ضروب المعرفه ...كهنوتا جديدا تزعم امتلاك جوامع الكلم والمعرفة في الطب والهندسة الاقتصاد والقانون....   تحجم العقول وتحاصرها   فكل صاحب علم عليه الا يتجاوز حدودهم المعرفيه ...لذا لا يستغرب عندما تأتي رؤاهم فطيرة وساذجة أحيانا لأنها تعكس محدودية عقولهم وضآلة سقفهم المعرفي في ذلك المجال. واذا طرح عالم في مجاله  رأيا موضوعيا وعلميا يتجاوز سقفهم المعرفي سيشرع عليه سيف التكفير والخروج على الاجماع ويصبغ بالعمالة ومحاولته هدم تقاليد الدين والتشبه بأعدائه.
 في دولة الاستكبار لا نستغرب ان السلطه لاتريد ان تسمع رأيا علميا من عالم في مجاله يشرح اسباب الفقر والتخلف او يرفض القمع وسلب الحريات...بل تسعى لتكريس ثقافة تحجم العلماء وتطلق ما يناسبها من أحكام  تقنن لوضع اللوم على الشعب الفاسق وضرورة  الصبر على الابتلاء .لذا يتعاظم دور رجال الدين ومجالس علمائهم...ويتراجع دور العلماء الحقيقيين ومالكي مفاتيح المعرفه كل في مجاله.
 في البرنامج المذكور قدم بروفيسر عثمان صالح كرئيس هيئة علماء السودان..وفيها طرح اراء  تجاوزت حدود مجاله المعرفي بثقة يحسد عليها..في خير تجسيد بدوره كعالم دين يعرف  كل شئ ويرى نفسه عالما في كل مجال وعلى الآخرين الصمت والقبول طائعين.ولا يرى حرجا الا يقول ان هذا ليس مجالي ويطلب المشورة لمن هو أدرى في ذاك المجال.
 بعض هذه النقاط تمس تخصصي الاكاديمي.وخبرة عمليه تجاوزت الثلاثون عاما....ولكني لا أزعم إني عالم في مجالي..لكن أقول اني احمل من العلم الموضوعي والمعرفه التي تجعلني من الصعب علي ان اتقبل بعض هذه الاقوال...بل أشعر ان الصمت عليها يعتبر جريمة في حق العلم والحقيقه.
 القضايا التي مست مجالي هب في علم النفس السلوكي و تمثلت في زواج الأطفال..وسايكولوجية التحرش..وتعليقا سريعا في نهاية الحلقه يبررللماسوشيستيه.
اقول ابتداء ان الزواج ليس مكانا لتفريغ هرموناتنا الجنسيه نفتح بابه حين تبدأ هرموناتنا بالامتلاء.هذا الفهم الذي لا يبتعد كثيرا من مملكة الحيوان وتطبيقه على مملكة الانسان يسبب كارثة على مستوى التوازن النفسي والاجتماعي.ابتداء الجنس ليس انجذاب بيولوجيا فقط بل هو استعداد نفسي وتهيئه اجتماعيه ونضوج اجتماعي.لذا اصرر عالمنا  بان طفلة لم تتجاوز العشرة أعوام هي مهيئه لعلاقة جسديه فقط لظهور علامات البلوغ البيولوجيه في غياب العوامل الأخرة هي جريمة لا تقل أثارها النفسيه من أي حالة اغتصاب كانت المرأه فقط أداة للمتعه لذكر غير متوازن.
ان علم النفس يقول لنا اننا اذا نظرنا لهذا الزواج بين طفلة ورجل ناضج يعكس عدم التكافؤ النفسي الذي لايجعل الطفله مؤهله او مهيئة للعب دور الزوجه والقيام بمسئولية المشاركه الوجدانيه والاجتماعيه في مؤسسة الزواج..مما يجعلها أرضية خصبه للفشل وانهيار الأسره.ويحق لنا نسأل اذا انجلت هذه الطفلة طفلا كيف ستلعب دور الأمومه وماهي النتائج المتوقعه على الام والطفل اجتماعية كانت أم نفسيه..
ان الاقرار بان بدايات النضوج هي تظهر في التغيير  البدني..وهي فقط بدايات  في ذاتها وتحتاج اعواما لتكتمل....في نفس الوقت ايضا لا يعني اكتمال النضوج النفسي والعقلي...فان كانت هي بداية التكليف بالشعائر لا يعني بالضروره استعدادها لادوار اخرى كالزواج تحتاج نضوجا في الجوانب الأخرى  كالعاطفه والمعرفه...وهذا لايحتاج لعناء تفكير  لإثباته ولا يتعارض مع مقاصد الدين فالطفل الذي بدأ نضوجه في مرحلة الحلم ووجبت عليه الشعائر لا يعني انه مؤهلا لادارة مؤسسه أو لقيادة سيارة حتى بل يحتاج تدريب ومعرفة ونضوجا ليقوم بادوار اخرى.
الزواج ليس مكبا لهرمونات متوتره بل هو احتياج انساني وتواصل بين طرفين  لاشباع احتياجات الجنس احداهما في قالب احتياجات اجتماعيه وعاطفيه ونفسية..وحتما لايمكن ان يكون احد الطرفين طفلا لإستحالة نضوج هذه الاحتياجات وتشكلها.
فالجنس ليس علاقة هرمونيه من طرف يبحث لمواقع تفريغ لتوتره بل هي تواصل جسدي تعبيرا عن موده ورحمه تحتاج الاستعداد النفسي والنضوج العاطفي للطرفين....وحتما لايمكن ان يتوفرهذا الفهم الانساني في علاقة مع ذات العشر أعوام.
 في سايكولوجية التحرش يجب التأكيد على حقيقه اساسيه ان المتحرش ليس بالضروره مريضا نفسيا بل في  الاغلب الاعم هو انحراف اجتماعي يقوم به افراد في كامل وعيهم وتوازنهم النفسي الذي يجعلهم يميزون بين الخطأ والصواب. وقرروا انتهاك حدود الآخر لآشباع دافعهم الذاتيه...وكلنا يعلم ان حريتنا تقف على عتبة حرية الاخرين..لذا يصبح اي تعدي  على جسد الآخر معنويا باللفظ..والنظر او ماديا باللمس هو تحرشا ينتهك حقوق الآخر وذاتيته.الذي لاشك فيه التحرش مثبت علميا ارتباطه بكثير من النتائج والمشاكل النفسيه على الضحيه.وان من أسوأ العوامل التي تعمق من الأثر النفسي وتزيد من تفاقمه هو تحميل الضحيه جزء من اللوم..وهذا بالضبط مافعله شيخنا وعالمنا الموقر.ولم أصدق أذناي حين ذكر بلا حساسية او احترام لمصيبة المتحرش بها ومشاعرها ان ثيابها تدعو للتحرش..هذه النظرة التجريميه غير انها تصيب الضحية في مقتل فانها تجعل من الجنس هو انجذاب حيواني وتوتر هرموني ليس للانسان سيطرة في تهذيبه..وترقيته..لذا في نظره لا يستغرب ان يستجاب له في لحظته لايهم كيف او مع من....
يصبح الجنس حتمية بيولوجيه ويبتذل الانسان لحيوان تقوده الرغبه وبهذا المنطق المعوج..الذي لايسنده علم...فالسارق معذور عندما يرى الذهب معروضا في واجهة المحلات...والأكل معروضا في واجهات المطاعم....ولو كان فقط على اعوجاج المنطق لصمتنا ولكن يصبح الصمت حراما عندما يجعل هذا المنطق المعوج الضحية مشاركة في الجريمه ونحن نعلم ما يسببه هذه من نتائج نفسيه ..فلا نستطيع الصمت...
في مقتطفات في نهاية الحلقه ذكر شيخنا ان المرأه تضرب لان بعض النساء تستلذ بذلك...ولم ارى بقية الحوار ربما اشاره بانه سيطرح في قادم الحلقات لكن ما سمعت جعلني لا أصدق عيني.
من الذي قال له ان الماسوشيستيه(رغبة ايذاء النفس) ..علاجها بالانصياع لها..اذن في تصوره ان من تشعر بالرغبه في تقطيع اياديها وأرجلها علينا  ان نجاريها في ذلك ونحقق لها متعتها...لا أدري من أي أتى عالمنا  بهذا التبرير المعوج والفطير.ولكن حتما ليس من كتب علم النفس..ولا أحتاج ان اقول ان هذا هو الشئ الوحيد الذي لايمكن للمعالج ان يفكر فيه....حتى المنطق لا يستسيغ ان يكون هذا تفسيرا والا على شيخنا  دعوة النساء لضرب للازواج الماسشوستتين حتى يتم علاجهم ..ايضا ..ولا اقول سوى يا ألطاف السماء..
 ان رجال الدين مع احترامنا لعلمهم الشرعي ليس لهم القدسيه..ولا يعطيهم الحق في الافتاء في علوم أخرى ليست من  تخصصهم..
ان سيف الارهاب الفكري فوق الرؤس يجعل من علمائنا وكل خبير في مجاله يلوذ بالصمت ويأثر العافيه..خوفا من التشكيك في دينهم ودوافعهم...
لذا...
هنا أخاطب احبتي وزملائي في قبيلة الطب النفسي ..وأقول....ان العلم أمانه والأمانة مسئولية ومسئوليتنا امام انفسنا قبل شعبنا ان ندافع عن ما تعلمنا انه هو الصحيح ولا يهم ان نختلف بيننا ... ولكن المهم ان يكون ديدننا لا كبير فوق المعرفه...وهدفنا تثبيت اوطاد علم النفس على ارضية صلبه من المعرفه الموضوعيه تحكمها التجربه والبحث وليس فتاوي تعبر عن فهم أفراد مهما كانت مكانتهم او صفات العلم التي يحملونها..لأنهم يطلقون الاحكام بسهولة في مجال حساس يمس كل فرد من شعبنا ..ونزعم اننا في علم النفس نجاهد ولا نستسهل الأحكام... نعلم و نتعلم منه يوميا ونحاول تصحيح المفاهيم الخاطئه التي ينشرها البعض منا ومنهم....وكل  من  نصبوا انفسهم علماء بزعمهم في مجالا لا يفقهونه..ونصبناهم نحن بصمتنا إئمة في نشر غث الحديث وضعيفه..
.فلنقف جميعا نرفع كلمة العلم متجردين بلا دافع يقودنا سوى سعينا لبث المعرفه وسط أهلنا لتحقيق  قيم التوازن النفسي والعيش الكريم..
فانفضوا عنكم غبار الصمت.... وقوموا دفاعا عن علمكم يرحمكم الله.....

مجدي أسحق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق