الجمعة، 14 سبتمبر 2018

.....عندما يرسب الأستاذ...

🌴عندما يرسب الأستاذ...🌴

قرأت في مواقع التواصل الاجتماعي رسالة من استاذ جامعي يحكي تجربته مع أحد الجامعات وسلوك الطلاب في احد المحاضرات.
رسالة يظن انه يسطر بها رسوب هؤلاء الطلاب في مدارج الأخلاق والتربيه..ولم يدري انه قد سطر لنفسه رسوبا وانزلاقا جعل من سطوره شهادة عليه تجعلنا نتحسر على مستوى الاستاذ قبل ان ننظر لما بدر من تلاميذه.
        لا سببا لدينا لان نشكك في الواقعه التي تمت والتي تعكس شغبا وانضباطا في قاعة محاضرات..(والتي لست بالظاهرة النادره الحدوث).والتي كان يمكن التعامل معها ببساطه بالانسحاب من القاعه عندما فشل في ضبطها والذهاب لمكتب العميد وطرح ماحدث لمساعدته بالاجراءات الاداريه التي تضمن استمرارية التعلم في جو صحي ومعافى..والتي قد تصل بالعميد نفسه للحضور للقاعه وفرض هيبة التعلم ...غيرذلك هناك طرق اخرى عديده تساعد في تحقيق هذا الهدف اقلها الانسحاب من القاعه...وايضا يمكن ان يكون ارسال خطاب للطلاب احداهما
لكن حتما ليس مثل هذا الخطاب الذي ليس له علاقة بالتعلم او التربيه بل هو خطاب انفعالي غاضب يحاول تضميد كبرياء مجروحه ويعكس كمية من المسالب مما يجعلنا نقول بيقين انه شهادة رسوب لكاتبه.
 اولا نجد ان الخطاب ملئ بالسباب والذي اوضح نفسه انها لغة كان يستعملها سابقا مع طلابه بوصفهم  بقلة التهذيب.وهنا اضاف لقاموسه.....مستخفي  الدم..بلهاء..اطفال غير بالغين..قاصري العقل ..قذاراتهم...ولا أدري اي قاموس تربوي هذا الذي ينعت تلاميذه بمثل هذه الاوصاف....وضميره مرتاح.
المؤسف انه من هذا الموقف (الهرج في قاعة المحاضرات)...سمح لعقله ان يبني استنتاجاته العامه والمطلقع ليحكم على شخصيتهم واخلاقهم.. فتناثرات الصفات والاحكام بلا رقيب..من معدومي الادب والضمير..غائبي العقل...غير آدميين...حيوانات بهيميه..قاصري العقل والمرؤه...ضالي طريق...مغروين...ولم يسلم اباءهم من هذا السيل من الاوصاف ليختمها بانهم قليلي الادب وعديمي التربيه...
من اخطر ما تحمله الرساله في طياتها فضحها لكاتبها ومايحمله..تجسد في هذه النظره الضيقه...الذكوريه... التى كان يرى فيها ملابس وهيئة طلابه ويسقط عليهم معاييره الاخلاقيه المسبقه.وتقييمه الهرموني فيصف..ذات الفنله القصيره...الجينز الضيق..قصات الشعر..وفريمات النظارات.....وقمة التردي..ولم أصدق عيني وانا أقرأ  وصفه بعض تلاميذه بالميوعة والتمثل بالفتيات  اوالعكس(وقف اربع فتيان وفتاتان اولعلهم ست فتيات)....

نتفق مع الكاتب في  ان هذا الخطاب هو شهادة للتردي في جامعاتنا..ولكن ليس تردي في مستوى الطلاب الذين هم في عمر الخطأ والتعلم...بل دليلا على الانهيار في مستوى الاساتذة عقليتهم تجربتهم وطرق اختيارهم.
افتتح استاذنا خطابه بأنه ذهب...ليغطي محاضرة لزميله..وحقيقة استغرب لمثل هذا الاسلوب الغير اكاديمي وغير تربوي الذي تسمح الجامعه فيه لأحد ان يحضر لتدريس طلابها فقط ليغطي لزميل بدون النظر لمؤهلاته الاكاديميه والتربويه..لتتأكد انه له ليس لديه فقط العلم بل يملك من التجربه والخبره ليكون معلما قبل ان يكون محاضرا.
هذا الخطاب يعكس التردي في التعامل مع التعليم كمحاضره تقدم مع غياب الاحساس بالدور التربوي ومسئولية المحاضر في الحد الأدنى ان يكون القدوه في الانضباط السلوكي واللفظي..
الاستاذ الحقيقي هو من يتعامل مع طلابه بحياد علمي وروح ابويه بدون تمييز طبقي او جنسي...فلا ينظر لهم بان ابائهم من طبقة تدفع بالدولار..ولاينتبه لانواع قصات الشعر وضيق البناطلين والبلوزات....ولكن في زمن التردي يصبح كل من يحمل شهادة محاضرا ويأتي لقاعات الدرس ليسقط كل ارثه الذكوري..وغضبه الطبقي ويتراجع دور المربي ليتضخم دور الأنا والكبرياء المجروحه التي يحاول ترميمها  بسيل من التجريح والاساءات
 حتما لا أحاول ان أرمي اللوم على هذا المحاضر ولكن ماكتبه يجعلني اتساءل بهذه النظره وهذا الأسلوب الى اي درجة ساهم هو نفسه في ازكاء الفوضى جعل الموقف خارج من السيطره؟؟
 ختاما اقول  ان مثل هذا الخطاب خير دليل  يفضح ثورة التعليم العالي التي هي كثرة في اعداد الطلاب مع محدودية في عدد الاساتذه مما جعل كل من يحمل شهادة مؤهلا بان يقوم بالتلقين وليس التعليم ..وتراجعت قيم التجربه والخبره والتي هي الاساس في اي قيمة تربويه وحجر الزاويه في مفهوم التعلم المذبوح في مدرجات الجامعات التي قامت وهاجس الربح هو هدفها وحاديها..

مجدي اسحق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق