السبت، 9 مارس 2019

عافي ليك يا النور..وماعافي ليك ياقوش

🌹 انا عافي ليك يا النور..وماعافي ليك ياقوش🌹

ما أقسى هذا اليوم..حين تختلط الحروف والذكريات والألم مع دمعات شاردات.
الليله جاني خبر الشؤم ..ليغرس في القلب نصله ويضع في الصدر  عبء وألم اصارع معه بحثا عن نسمة هواء..
ياربي أعني بصبر من عندك... لو قالوا لي النور قد مات  هل كان حاتألم بمثل هذا القدر...لو قالوا لي حصل لك حادث وفقدت بصرك وحركتك هل كنت حابكيك .كما انتحب الان.
وأي خبر الشوم ؟؟..قالو شايل خرطوش بتضرب في الاولاد مع ناس الأمن..معقول يالنور...انت الذي كنت تحمل الموده ولم تكن  تقدر على ضرب الكلاب تجري بين قدميك وهي تعلم انك ستسعى لها بالاكل في دقائق حتى ولو كنت تتضور من الجوع والتعب .
ماذا اقول لقلبي ..هل مات النور الذي اعرفه وكيف استطيع ان اقتل ولدي وهو حيا بلا حياه.....ام اقول لهم فقدته والعايش وشايل خرطوش ده ما النور بل شبه لهم..
النور كان ولدي الذي لم انجبه ويحلو له ان يناديني ب(عمي)  احتضنته الخرطوم هاربا من الجفاف والتصحر  باحثا عن لقمة عيش شريفه ..شاب يمتلك في الدنيا فقط ما يضع في جسده النحيل من ملابس وابتسامة وادعه وقلب كبير لا يترفع من اي عمل ويتعفف من القرش الحرام .يحفر الواطه .يفتح المجاري.ينضف المكيفات..ودخل بيتنا ودخل قلوبنا بي عفويته وطيبته  وقلب كبير بحب الناس كل مايملكه.من الدنيا...وشاركنا السكن غفيرا بالمساء وبالصباح يضرب في الأرض فعرفه أهل الحي رجل كل المهام ..ووثقوا فيه يمشي البنك يصرف الشيكات  ونص النهار يمشي ناس المويه يشوفها قاطعه ليه..ويغشى الكهرباء يشتري ويمر على ناس العوايد...معه كنت لا أحمل هما نتقاسم هموم البيت ولقمة العيش ويأخذ مرتبه على استحياء كأنه لايستحقه فهو ود البيت.. 
تطاردني عفويتك. وكلامك(ياعمي الليله كهربتنا شويه)(عمي جيب ندفع لي ناس المويه)(ياعمي خليني  بمشي اعزل خروف الضحيه انت بغشوك)..وبموده وانت تقول (عمي انت محتاج جلابيه للعيد)
كم كنت بطمئن بوجودك والاولاد تعلقوا بك اخ كبير يلا يفارقوا مجلسك امام البيت كل مساء..تسعدني ضحكاتهم....واشاهدك معهم تتشاركون سيجارة تسرقون بها احاسيس دخولكم لدروب الرجوله والنضوج ..واتجاهل عمدا وواعلم انها مرحلة وتعدي..وجودي فيها غير مطلوب واطمئن امهم بانك معهم ستكون صمام امان...فانا الذي أستأمنك على الوالده عندما تأتي لزيارتنا تجري بعفوية  لتستقبلها وتمسك يدها وتجعلها تستند عليك الى ان تصل لمجلسها وانت باسم تقودها كالطفل بلا تعب ولا ملل بل تخاطبها كانها طفلتك(ياحاجه حاسبي على السلالم ديل و براحه مايزلقك البلاط)....اذكر كلماتك فتزداد دموعي.
 وتمر السنين وتأتي فرحا بانك قررت الزواج...واشاركك السعاده وما تيسر...وعندما ضاقت علينا موارد الرزق تركنا المنزل ونحن مطمئنين عليه في وجودك ووجود زوجتك..وودعتنا بوجه مبلل وانطلقنا نحاول ان نظهر الصبر والجلد..وسرقتنا المنافي ولم ينقطع التواصل...وتمر الايام لتخبرني بان لك طفلين ..وان الحياة كم اصبحت جميله بوجودهم وقاسية بمتطلباتهم ولم اخف عليك فكنت واثقا انك ستجد ما يسد رمفهم ويغطي احتياجاتهم..واظن انني كنت مخطئا....فقد سرقتك الحياه..واستلبتك الظروف التي هربنا منها وابتلعتك
فعند رفعت السوط اليوم لتضرب من لم تنتبه  لملامحه انه صديق ابنائي الذي كان يجالسكم ويشارككم الامسيات..لم يكن انت بل هم من رفعوا السوط بإسمك في وجهه..فلم يؤلمه الضرب ولكن ألمه وجودك لذلك لم  يصرخ بل خرجت حروف الألم (النور معقول ده انت...ليه بتعمل كده؟؟)...لذا لم استغرب عندما علمت ان  الخرطوش وقع من يدك ووقعت معه دمعتين وهمهمات (معليش ..اعفي لي اعفي لي والله الدنيا صعبه..والاولاد مسئوليه قاسيه). ....ودفعته لتحميه  من الأعتقال ولتهرب من ان تنظر لوجهه مرتين...
اعلم انك تبكي اليوم وتشفق علي ...وتخاف علي حين اسمع ماحدث..
واقول ليك انا عافي ليك..ومازلت عمك ومازلت  ولدي..نحنا عندما ضاقت علينا الدنيا حزمنا امتعتنا واحتضنتنا المنافي بكل قسوة الحنين لكنها في بلاد اهلها  لايشبهون حكامنا يحترمون الانسان ولا يتركوه ليبيع ضميره ليطعم اطفاله خدعونا وسموهم كفار...ووجدنا ان الكفارحقيقة  هو من خدعنا في ديننا وسرق مننا وطننا وان حفيت قدماه نحو المساجد..
كيف أحاكمك يا أبني وقد تركناك لوحدك..مكبلا...وانت لاتعلم كيف تسبح في دروب النهب والارتزاق فكيف نطلب منك الاتبتل...
تركناك مع اطفالك تحت رحمة من لا يعرف معنى العدل ولا الإحسان..فوجد فيك ضالته..فريسة معجونة بالطببة وحب الناس أطفاله يتضورون جوعا واذا اشتكت اجسادهم الصغيرة بالالم او البرد يموت في اليوم الف مره.....فلا شئ في وطني اسمه حقوق او خدمات بل وحش كاسر يلتهم كل من يلاقيه ليس للانسان قيمه او حماية منه الا بمقدار في جيبه...وانت خاوي الوفاض ليس لديك سوى روحك
فبعت روحك للشيطان
بعد هذا...هل استطيع ان اسألك لماذا اشتغلت في هذه الوظيفة التي تخجل منها وتهرب ووجهك مبللا بالدموع والالم؟؟؟
اللهم ياربي
 ان ابني النور ضحية حاكم جائر ونظام ظالم يستثمر في حوجة الناس وألمهم ...يقتات من دموع اطفالهم وصرخات جوعهم..وانا عافي عنه فاعف عنه....
وماذا اقول  سوى اننا كلنا ضحايا لعصبة من الاوباش تقتل ذاتنا وتستلب ارواحنا...تستغل معاناتنا لتزداد شرها وثراء.ولكن كان لنا من الحظ الانوضع امام الخيار..فهربنا بأخلاقنا....وهل كان خياري سيكون مختلفا ولو تغيرت الظروف ووجدت اطفالي يصرخون من الحمي ويتضورون من الجوع ويرجفون في ليالي الشتاء...ما أقساه من امتحان
لا ادري؟؟ لن اطلب لك الغفران من ضحاياك فلهم حق القصاص ولك واجب دفع ثمن اخطائك..ولكن اتعشم ان يفهموا انك ضحية وان تلطخت يدك بالدماء
ولكن الذي اعلمه ان قلبي ليس فيه ذرة غضب تجاهك يا النور...
وانا عافي منك وراضي عليك...
انتظر ملاقاتك ليس لاعاتبك بل لاخذك بالأحضان ونبكي سويا مأساة وطن مستباح...
ومازال قلبي صافي تجاهك ولكن  ازداد الغضب والالم تجاه هذا النظام الجائر الذي دفعك يالنور وامثالك الكثيرين ليقفون في موقف ليس فيه سوى خيار واحد....خيار .تلغي ذاتك ووجودك لتعيش بقية حياتك مسربلا بالالم والخجل...خيار مؤلم تبيع فيه روحك..لتنقذ بها ارواح صغار تعتمد عليك..
......ولحكومة سرقت النور منا...وقتلت اجمل مافيه من وداعة وحب الناس ..علمته القسوه والعنف ...فهو في في الوطن يذرف دما..وانا في المنافي احاول تضميد الجراح...وكلانا مؤمن بان حكومة تستثمر في معاناة الناس وتستبيح انسانيته ليس لها  مصير سوى ان  سوى ان  تسقط بس...

مجدي اسحق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق